المقدمة :
مضت أثنا وعشرون عاماً على رحيل الشاعر الغنائي المعروف عوض أحمد حميدان المعروف ( المعلم ) ، وقد ترك لنا تراثاً كبير لايستهان به من القصائد الغنائية والمساجلات الشعرية والتي لم تنشر الى حد الان في ديوان يضم أشعاره المختلفة من قصائد مغناة ومساجلات شعرية بالإضافة الى بعض القصائد العمودية من الشعر الشعبي والفصيح . وخلال مسيرته الأدبية أرتبط أرتباطاً وجدانياًُ بالملحن المعروف سالم سعيد جبران وقد شكل معه ثنائيا رائعاً خلال مشواره الأدبي والفني قدما خلاله مجموعة كبيرة من الأغاني تقدر بأكثر من ( 200 ) نصاً غنائياً تغنى بها كبار فناني الأغنية بالساحة اليمنية والخليجية بشكل عام ومن الروائع الغنائية التي سجلها التراث الانساني والتي تففتخر بها حضرموت ( ياساري الليل ، ياشعلة البين ، ريتنا ماعرفنا بعضنا ، لمن أشكوا الجفاء من حبيبي ، الزمن قلاب وغيرها الكثير .
كم أن له حضور في تاليف شعر المالالوج وهو النص الساخر الذي ينتقد ظاهرة أجتماعية معينة وقدم خلال هذه الفترة خصوصاً في خمسينات القرن الماضي إذ كان ينظمها على بعض الأغاني المصرية المشهورة مثل على حسبي وداد ، وبعض الأغاني اليمنية المعروفة
كما أنه يتم وضع بعض الألحان الحديثة على بعض النصوص من قبل بعض الملحنين مثل جبران وجمعان محروس وغيرهم .
نبذة عن حياته :
ولد الشاعر الغنائي عوض أحمد حميدان في أجواء عام 1925م في مدينة الشحر التاريخية وقد نشأ وترعرع في أسرة دينية محافظة أشتهرت بالعلم والثقافة والده الشيخ أحمد عبيد حميدان كان إماماً لمسجد عيديد بالشحر وجده الشيخ عبيد حميدان الذي كان يعلم الأطفال اللغة وعلوم الدين له من الاخوة أثنين ( محمد و سالم ومن الاناث أثنتين أحدهما تسمى سلمى ) .
في هذا الوسط المحافظ ترعرع شاعرنا حيث تلقى تعليمه النظامي بمدرسة مكارم الأخلاق وهي أول مدرسة نظامية أنشأها الأهالي في مدينة الشحر سنة 1336هجرية ومن خلال دراسته في هذه المدرسة أطلع على أمهات الكتب في الأدب العربي وخصوصاً الشعر الجاهلي وأعلامه من عمالقة الشعر القديم كامرئ القيس وزهير بن أبي سلمى والنابغة الذبياني وعنترة وأبن كلثوم ولبيد وغيرهم . كما أطلع على أمهات كتب في الأدب العربي . وقد حفظ الكثير من الأشعار عن ظهر قلب ، و قد أبدى نبوغاً في ذلك وغدا حديثاً للطلاب وخصوصاً في النحو وتجويد القران . ثم أشتغل بمهنة التدريس مهنة أبيه جده ، ولقب المعلم يقول هبير ( 1991 ) ورثه عن جده وأبيه .
بدأ المعلم رحمه الله عمله في مهنة التعليم مدرساً بقرية دفيقة التي تقع شمال مدينة الشحر حيث كان يشد الرحال إليها كل صباح ليقوم بتدريس الطلاب هناك في بيت العيدروس ، أشتغل اماماً لمسجد باديب كما أشتغل بتجليد الكتب بوقت فراغه وفي منتصف الأربعينات سافر الى مدينة عدن مشياً على الأقدام وأشتغل في عدن ضمن شركة أجنبية للمباني عن طريق مقاول محلي ، ثم عاد في بداية الخمسينات الى مسقط رأسه وقضى في الشحر ثلاثة أشهر منطوياً على نفسه لايزور ولايزار .
ثم سنحت له الفرصة للعمل ضمن مشروع شق طريق الشحر ــ المشقاص وأستمر في المشروع حتى وصل الى قرية يضغط شرقي الديس الشرقية وعندما ضاق به
الحال من هذا العمل الشاق قرر الذهاب الى الديس الشرقية ليلتقي بالشيخ ( أحمد سهيل عبدن ) وهو من أهالي الشحر النازحين الى الديس الشرقية وشكا له الحال ومما يعانيه ويكابده في العمل ، وعند وصوله الى الديس فتح له مطعم وما لبث حتى أشتغل إماماً لمسجد ( أحمد علي ) .
بعد أن تعرف عليه أعيان الديس بعد أن لقى خطبة عند تخرج دفعة جديدة من طلبة دارسي القران الكريم أو ومايسمى ( بحفلة الختم ) .
ثم فتح له كتاب لتدريس الأولاد الذين حرموا من التعليم في المدارس الحكومية ، سافر الى كينيا إلا أنه لم يتمكن من دخول ممباسا وةد أودعوه بالسجن ومن السجن الى عدن بعد ما أفرج عنه بكفالة جمعية العرب بممباسا وعند عودته من ممباسا تعرف في ساحل القرن على أحد أعيان الديس الشرقية ( أحمد محمد باخوار ) الذي استضافه في بيته وأستقر به الحال متنقلاً بين تشكيله من الأعمال فتارة يعمل بمقهى و أخرى بمطعم وفي أوقات فراغه يشتغل بكتابة العرائض الى جانب كتابته للاشعار وفي بداية الثمانينات قام بتدريس مجموعة من الطلاب علوم القران وخصوصاً ( التجويد ) .
مرضه ووفاته :
في عام 1985م بدأ المعلم يشتكي كثيراً من الآم شديدة في الصدر و البطن ولم يتحمل الأسفار الطويلة وعلى أثر هذا المرض الذي تزداد حدته شهر عن شهر نقل الى مستشفى الشحر في شهر فبراير 1986م ومكث بالمستشفى حتى وفاته المنية في 8 مارس 1986 م .
وجدت تحت وسادته هذا البتين حسب رواية هبير (1991 ) :
لما دنا الساق تعرضــــــــــــــت * إلي ودوني من تعرضها شــــــــغلُ
أتت وحياض الموت بيني وبينها * وجاءت بوصل حين لاينفع الوصلُ
بقلم /عبدالباسط سعيد الغرابي