عروق الإبل في حضرموت
--------------------------------------
http://www10.0zz0.com/2013/09/19/08/409852705.jpgالإبل من الحيوانات التي يعتز بها يالعربي بصورة عامة والإنسان الحضرمي بصورة خاصة على مدى التاريخ ، وقد لقيت دوراَ كبيراَ في حياته , فقد ذكرها رب العزة في كتابه الكريم(والأنعام خلقها لكم منه دفئٌ و منافع و منها تأكلون.ولكم فها جمالٌ حين تريحون وحين تسرحون .وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرؤوف رحيم ) (النحل , آية 5-7) .
هذه الآيات الكريمة فصلت لنا دور الإبل في حياة العرب و غيرهم من الأمم الأخرى . و لذا فهي تعتبر عماد الحياة عند العرب جميعاَ ، و يكتسون من أوبارها . ويصنعون منها بيوتهم و يحملون أثقالهم عليها ، و يتقايضون عليها في المبيعات و افتدوا بها أسراهم و أدوا بها القتلى و امهروا بها الأزواج ، و لذلك اهتموا بتربيتها و ربطوا حياتهم بحياتها يرحلون للرعي من أجلها , و أصبحت بيئة العرب لا تكتمل الحياة المعيشية إلا بوجود الإبل , و السجل التاريخي لهذا الحيوان يروي لنا الكثير من القصص والحكايات , و قد اشتهرت الكثير من النوق مثل الشهباء ناقة نبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم) , و ناقة النبي صالح (عليه السلام) , و النوق الحُمر التي مهر بها عنتر عبلة بنت مالك , و ناقة البسوس التي قامت بسببها حرباَ ضروس استمرت أكثر من (40 عاما ) بين قبيلتي ( تغلب وبكر ).كما اشتهرت بعض أسماء الإبل في حضرموت مثل بعير الكلالي وقد خلده الشاعر عبدالله عمر سواد في رائعته الشهيرة التي تغنى بها الفنان خالد الذكر محمد جمعة خان الذي يقول فيها:
بعير الكلالي
مرصون في العلب دخلت نجومه
و أنت توسل فدامة
شالجمل مغلوب .
- الأهمية الاقتصادية للإبل في حضرموت:
تعتبر الإبل ثروة يعتز بها الإنسان الحضرمي ، و بعدد رؤوس الإبل التي يمتلكها , كما يعتبر الجمل رمز للقوة وقد تجسد ذلك من خلال المرجوزة المشهورة في حضرموت ( أربعة شلوا الجمل والجمل ماشلهم ) , و الثروة التي تتفاخر بها القبائل الحضرمية فيما بينها , إلى عهد قريب .
كما تستخدم الإبل في شتى متطلبات الحياة فهي المركوب الذي يساعد في الانتقال من مكان إلى مكان آخر وتساعده في نقل بضائعه , وقد عبر هن ذلك الشاعر عوض بن سبيتي في قصيدته التالية:
سرى سرى ياجمل داسي
يحملونك من الفرضة سلل سكر
إلى بخاخير بن حمدون .
كما تستخدم في الأفراح في ليلة السرية (الضعينة) في نقل العروسة من بيت أهلها إلى بيت زوجها حيث توضع على الهودج وهو مقعد المخصص لركوب العروسة يصنع من خشب العلب ويطلق عليه في بعض مناطق حضرموت (الهندول) ، وهذا ما ذكره الشاعر أبن سبيتي مفتخرا بجمله واصفا قدرته الفائقة بهذا البيت الرائع :
حجب عاصميم العضا لتوسق يشل الحمول الرزينة
والف المخطر يشل الهناديل ويعقب الركاب
كما تستخدم جلودها في بناء البيوت و تستخدم كفرش للجلوس في خيمهم .
و يأكلون من لحومها وقد جاءت في بعض الأمثال الشعبية منها ( برك جمل تشبع لحم ) إي تنحر جمل يعطي لحم وافر (ويقصد بذلك المبالغة في الكرم والسخاء ) ، ويشربون من ألبانها وفي مواسم الفيض أي عندما يفيض اللبن يجفف , ثم يحفظ على شكل كرات من اللبن المجفف ثم يستخدم مرة أخرى في مواسم الجفاف بعد خلطه مع الماء ، كما تستخدم الإبل في تشغيل معاصر إنتاج زيت السمسم (المعصر) .
- الموطن الأصلي للإبل :
يصعب تحديد الموطن الأصلي للإبل إلا أن (عبدالحميد2007) ذكر أنها توجد بعض الأدلة على أن عملية الاستئناس - أو على الأقل المراحل المبكرة منها - قد تمَّت منذ ما يقرب من 4500 سنة , ويعتقد الباحثون أن حضرموت هي المنطقة التي تم فيها استئناس الجمل , كما ذكر((Zeuner1963 أن منشأ الجمل هو أمريكا الشمالية، وقد عاش هناك 40 مليون سنة، هاجر بعدها إلى المناطق الأخرى في العالم، وانقرض من هذه المنطقة التي نشأ بها.. وقد مرَّ الجمل بمراحل تطور كثيرة حتى وصل إلى شكله اليوم , و أكد (بوليت 1975) أن الأدلة التاريخية تؤكد وجود الإبل في جنوب الجزيرة العربية منذ أكثر (500000) , كما أن بعض المصادر تشير إلى أن وجود الإبل البرية في الجزيرة العربية كان قبل المسيح عليه السلام , وتؤكد ذلك الكتب السماوية . حيث أن جنوب الجزيرة العربية هي المنطقة التي شوهدت فيها ذات السنام الواحد و خصوصاَ حضرموت ، كما أشار (زايد وآخرون 1990) إلى بعض الأدلة التي تتمتع بها حضرموت و يمكن تلخيصها بالآتي :
1- إن منطقة حضرموت مناخها لطيف ووديانها خضراء و لذا كانت هجرة الإبل البرية إليها .
2- تميزت بأنها بعيدة عن وجود الإنسان حيث كانت الصحراء حاجزا بينهما .
3- عثر على حفريات و نقوش في مدينة جوريدجة ووادي جتيمة تؤكد وجود الإبل في حضرموت إلى تاريخ (200ق.م) .
- التقسيم العلمي للإبل :
تتبع المملكة الحيوانية: Animal Kingdom , طائفة الثدييات Mammilia. و تصنف ضمن العائلة الجملية Camelidae.
ويطلق عليها علميا بالأسم العلمي: Camelus dromedaries .
أسماء الجمل عند العرب :
توجد أسماء كثيرة للإبل عند العرب . فأسموها سفينة الصحراء , أبوصفوان ، أبوأيوب , و كذلك نعتوا نوقهم بعدة أسماء منها أم مسعود , أم حوار ، بنت الفحل , .
كما أطلق على الإبل العيس والعير , الوجناء , حمر النعم , الهجن , الناجية .
وعدد أبن سيدة نعوتاَ كثيرة و ضعها العرب لإبلهم كما نسبت الإبل للقبائل العربية التي تربيها و استخدم العرب الاوسام (العلامات) لتميز أبلها إذا اختلطت الإبل فيما بينها و كذلك إذا فقدت منهم تعرفوا عليها بالوسم و يتم ذلك بواسطة الكي بالنار على مناطق مختلفة لأجسام الإبل لا يزول مدى الحياة .
- أسماء الإبل عند الحضارم :
للإبل أسماء محلية يستخدمها البدو في حضرموت , ومن ارتبطت حياتهم بالإبل ويطلق عليهم (الجمّالة) كما يطلق على هذه المهنة (الجملاة) منها :
المربى ويقصد به الجمل الذي تم تربيته منذ ولادته على يد رجل واحد كقول سواد :
نا إلا معدي في طريقي لقيت المربى عاطراف المسيلة
لا قيد في رجله ولا حبل عالغراب و لا حمل مفصول.
كما تسمى الإبل بحسب لونها بحمران وسويدان إلخ, ويوظف ذلك سعيد سالم باجعالة قائلا :
لسرح حمران يضوي مراصينه
نامخلي له المحش في الدلية
مايهم الحمل والراكب
ولا شي مثيله مشبك السيقان
وكذلك بحسب سنها فيطلق على الجمل الحديث الولادة (حوار)، كما يطلق عليها بحسب المناطق والأودية مثل الدواسر نسبة إلى وادي الدواسر بالمملكة العربية السعودية كقول الشاعر عمر عوض العوش :
حد وصل من قذا البرح باتخبره
من جمل دوسري قالوا عقل في رصانه
بانجيبه غصيبة
و لا بي خوف من بحسن وسيبان
كما تلقب الإبل في حضرموت إلى بعض القبائل الحضرمية مثل قولهم جمل داسي نسبة لقبيلة باداس كقول المحضار :
تخي وبرعمي فيك ياباداس عاده ماظهر
ما لك إلا باقطيان يعطيك جزة بحد السكين
كذلك قول الشاعر عبيد باجراد حين قال :
عدومة وحسي المرية والسواقي تخبرت فيها وشعب الجزيلة
بكر منهالي فلت من رصانه وراء صاحبة ما مكن الحلان
, كما يطلق على صغير الإبل الذي عمره أقل من سنة (حاشي) ، وقد جاء على لسان الشاعر سواد :
حمليت الحواشي ثقل و شبيت العقاب الكبيرة
لأجل نوفي بوعدي ما بغيت القاصرة والعرب بالوعد يوفون
كما يسمى على الجمل الصغير بالقعود و الأنثى (الناقة الصغيرة) بالبكرة , و يسمى الجمل العدواني كثير الرغا بالهاج وهذا ما أشار إليه الشاعر فرج باجعالة واصفا مقدرته على قيادة القافلة المكونة من الإبل الهاجة واصفا ذلك بالآتي :
سرى ياطويل الباع ومن بغى مثلي يوسق بعيره
فصلنا حمول الهيج من داخل البندر لسرى يصبح تاربة و تريم
والناقة الحامل بالعشرا و الناقة الكبيرة السن بالفاطر وقد جاء على لسان الشاعر سالم باسباع الشهير بقريشن قائلا :
قال السباعي ماحد على العيف يتحسر
ماغير واحد ماضم له عقل ورزانة
يصبح ويمسي والعين تبكي على فاطر
يبرك ويرغي إذا زاد في حمولته مكيال
والجمل الذكر الكبير السن بالثلب واصفا ذلك المحضار في آخر قصائدة الغنائية (ألا ياقلبي الصابرعلى الأحباب صبرك) :
حمولة مهدمي لي في الجمارك حملها ثلب عاظهره شتار
بظني ماعرف يرفد مبارك طرح بوها على ظهره وسار
بها يعرج ويتبرك
قي حين يطلقوا على الجمال الكبيرة الحجم (الضخمة) البطيءة الحركة بالغوادي , و هذا ما أشار إليه الشاعر أبن سبيتي في أحد مساجلاته :
لك وصف في المعجل إذا طلع بالسيب تسمع حجيره
غريز الغوادي ما يعقب عواقب كسبه إلا مربشة وشريم
وهناك العديد من الأسماء للإبل لا نستطيع حصرها نذكر منها الهجين وتستخدم في الركوب وسباق الهجين و الهمل و الهرش , ... إلخ . و تسمى المجموعة من الإبل بالقافلة أو بالزمل .
اصوات الابل :
الرغـا : صوت الإبل بشكل عام
التـرزم : صوت الإبل العطشانة
الاهجال : صوت الناقة الفاقدة لولدها .
- أعداد الإبل في حضرموت :
بلغت أعداد الإبل في الجمهورية اليمنية في عام 2012م 443358رأس , منها104177رأس ، في محافظة حضرموت ( كتاب الإحصاء الزراعي 2013)
- عروق الإبل في حضرموت :
توجد في حضرموت أربع عروق (سلالات) من الإبل هي :
1- إبل الأراك :
لونها بني فاتح و وبرها قصير فوق الأكتاف و السنام و الظهر و حجمها أصغر من الإبل الحرة اكتسبت هذا الاسم لتغذيها على أشجار الأراك , وتستخدم في الأعمال الزراعية و تعتبر نادرة الوجود في حضرموت وتتواجد بكثرة في تهامة .
2- الإبل الحرة :
لونها بني محمر داكن في منطقة الظهر كبيرة الحجم هادئة الطباع لذلك تستخدم في الركوب و النقل , توجد في جميع مناطق حضرموت .
3- الإبل العاضة :
و تسمى أيضا بالإبل العواض و هي تميل إلى العدوانية وقد وصفها الشاعر أبن عمر مقرم بالبيت التالي :
تحذر بنفسك من بعيرك
حذر لا يلافك حد نيبه
وان جئت بتبيعه مشقة
وذبحه نقاصة على الجزار
لونها بني محمر إلى بني داكن , هي أكبر حجماَ بالنسبة للعروق الأخرى , و الجسم ضخم ممتلئ و متناسق التكوين و تلي الإبل الحرة من حيث الأهمية الاقتصادية في حضرموت و تنتشر في المناطق الصحراوية و خاصة الع
4- إبل خوارة :
و تسمى أيضا بالإبل الخوارة , و يعتقد أنها ناتجة من الخلط بين الإبل الحرة و الإبل العاضة ، و هي قليلة الأهمية و العدد في محافظة حضرموت و تتصف بحجمها المتوسط و بإنتاجها الجيد من الحليب ، وقد ذكرها الشاعر حسين المحضار في إحدى مساجلاته حين قال :
من بعد جملاة السقل
والشمس و التكليف والتصريف في كل ليلة
ماشفت عاخوار شد
ولا عاد عدى حمل من سدة الخور.
- أهم النباتات الرعوية في حضرموت :
و تنقسم إلى قسمين :
1- الأشجار :
من أهمها :
السمر , العلب , المشط , السلم , الخبيان , القتاد , الشخر , العضب , بالإضافة إلى السرح و الصر وغيرها .
2- الشجيرات :
من أهمها :
الراك وكذلك المثلة و الحبض بالإضافة إلى الوضعة , الثويعة والأبيد و الصباعي وغيرها .