الدكتور عبدالباسط الغرابي
Admin
المساهمات : 1197
تاريخ التسجيل : 06/01/2009
 | | موضوع: الشاعر باجعالة نهر من العطاء لا ينضب الخميس يونيو 06, 2013 11:28 pm | |
| الشاعر المخضرم سعيد سالم باجعالة
سجل حافل بالمساجلات الشعرية و ذاكرة شعرية لا تنضب بكل جميل من روائع الشعر و المساجلات الشعرية وكنز ملئ بالنفائس الشعرية و بحر من الشعر يحتاج لمن يمخر فيه و يغوص في أعماقه حتى يخرج أجمل و أرق وأعذب أشعارنا الحضرمية لكبار الشعراء من أمثال أبن السبيتي والمحضار وأبن الطلي أبوسراجين و سعيد قشمر وباعمرو و سعيد زحفان و مستور حمادي وسيد علوي وسيد سلوم وأبن عمر مقرم وعبيد باجراد وأبناء طيور و فرج باجعالة وسعيد عمرو و عبدالله محسن و تطول القائمة كل هؤلاء في الذاكرة المتوقدة للشاعر الفذ والراوية سعيد سالم باجعالة .
النشأة و المولد :
انتقلت أسرة والد الشاعر باجعالة من مديرية غيل باوزير في مطلع ثلاثينات القرن الماضي إلى منطقة هبورك بمديرية الديس الشرقية . تزوج والد الشاعر عند أسرة آل الوعل بالديس الشرقية أنجب من الأبناء خمسة (4 ذكور و2 إناث ) شاعرنا ترتيبه الثاني , ثم انتقلت الأسرة إلى منطقة الغيضة بمديرية الديس الشرقية أيضا .
شاعرنا من مواليد 1938م على وجه التقريب . لم يتحصل على فرصته من التعليم فهو لا يجيد القراءة ولا الكتابة .
انتقل الباجعالة إلى حافة الخُلة (حي الصيادين) في ستينيات القرن الماضي تزوج ثلاث مرات له من زوجته الأخيرة من الأولاد أربعة ذكور و بنت واحدة.
يعمل فلاحا و لازال يمارس هذا المهنة إلى يومنا هذا .
باجعالة الراوية والشاعر:
ولد في أسرة فيها من يجيد قول الشعر الشعبي مثل الشاعر فرج عوض باجعالة شاعر مجيد وله الكثير من المساجلات التي يتناولها الرواة .
بدأ عاشقا للمساجلات الشعرية متنقلا من مدارة إلى مدارة و من مساجلة إلى أخرى و من زيارة إلى زيارة أخرى . له ذاكرة حديدية يستطيع أن يحفظ ما قيل في هذه المساجلات مباشرة حتى أطلق عليه لقب (المسجل) وإضافة إلى ذلك فهو يستطيع حفظ الألحان فهو بحق وحقيقة الراوية الأول في مديرية الديس الشرقية أن لم نقل في المحافظة للأشعار والألحان التي ألفها أوائل المبدعين الحضارم من أمثال سعيد حمود وعبدالله عمر سواد و أبن القبيلي أبن عسيمة و غداف وأبن زقر وغيرهم الكثير والكثير .
و من هنا ندعو كل المهتمين بالموروث الحضرمي الاستفادة من هذه الهامة الإبداعية المعاصرة و توثيق جميع الأشعار والألحان التي لازالت في ذاكرته قبل فوات الأوان فهي بحق عصارة امبدعينا الأوائل , كما يجب على المبدعين الاستفادة من هذه الأشعار و الألحان و تطويرها وإخراجها في قوالب أبداعية جديدة تتناسب مع روح العصر كما فعل المبدعون من أمثال حسين المحضار و محمد جمعة خان و يسلم دحي وسعيد عبدالمعين وسالم سعيد جبران و صالح عبدالرحمن المفلحي وغيرهم .
انطلاقته كشاعر :
الشاعر سعيد سالم باجعالة لم يكن وليد الصدفة كما يظن البعض , إذ كانت انطلاقته من خلال حضوره للمساجلات الشعرية التي تقوم بين الحين والآخر في الزيارات والأفراح وأسمار الدان في بعض البيوت , إذ كان ينسج أشعاره على ألحان المساجلات التي يحضرها , ولا يستطيع قولها أو يجهر بها بسبب وجود شعراء كبار في ذلك الزمان من أمثال أبن السبيتي وسيد علوي و باعمرو و أبوعمر سواد , حتى جاءت له الفرصة , بعد أن استفزه أحد الحمقاء و هو يروي الأشعار قائلا (أين شعرك جيب من كلامك و أقوالك الشعرية ) , هذا القول استفز مشاعر الباجعالة و أتى بأول بيت شعري ذاكراً فيه أسم ذلك الشخص حسب رواية بعض الرواة حين قال في مطلعه :
جديت عزمي عا علي يسرين با قص رجله
كما أنه يجيد شعر الطرافة والنكتة و خاصة على شعر دان بيت عمر المنسوب إلى آل عميران من هذه الأشعار :
هم كذبوبي و أنا للكذب ما أنا بصير
هم كذبوبي و أنا قد شفت نخلة تسير
و لقيت شقعة كبيرة من هنا لشحير ... إلخ
إلا أن انطلاقته الحقيقية كانت في مطلع السبعينيات من القرن الماضي في منطقة عسد الفاية بمديرية الريدة وقصيعر ,حين جاء لحضور أحد المساجلات كمستمع ولم يكن من الشعراء الذين سند إليهم أحياء المساجلة الشعرية على رقصة الهبيش في تلك الحراوة (العُرس ) , إلا أنه لما سمع المغني سبيت مبارك بازهير والمرحوم سعيد سالمين الوعل يرددوا البيت الذي يقول فيه عبيد باجراد :
عادنا إلا طلقت الحلق حين حطيت رأس المقد ومساهن القافلة
والجمل عادنا كبليته وسمعت صوت العرابة يحنين
لم يجيب على هذا البيت أحد من الشعراء الحاضرين فأنطلق الباجعالة كالصاروخ ينسج أشاعره مستخدما قدرته الفائقة في صنع الرموز الشعرية حين قال :
الميازر عطوها الرفق للحلاء و القبائل نووا التأخير في القبولة
نا عادنا بندقي مارميته وصبرت عاعيف وقتي وعازين
و أسهب الباجعالة في أقواله الشعرية وعندما لم يجب عليه أحد من الشعراء هجاء نفسه حيث قال :
باجعالة تحوك السوّق يا قليل المروة بقلبك بغض متحمله
جودنا من قدم قد نسيته ونسيت شرب الجفل في الفناجين
انطلقت هذه الأبيات الشعرية من عسد كالنار في الهشيم وتناقلتها الرواة من مكان لمكان أخرى حاملة أسم باجعالة لكل محبي المساجلات الشعرية مبشرة بولادة شاعر جديد أسمه (سعيد سالم باجعالة ) ، استطاع الباجعالة في سبعينيات القرن الماضي أن يضع له موطأ قدم بين شعراء ذلك العصر بأشعاره الجميلة وسلاسة تعبيره و طرافته الشعرية ومعاصرته للأحداث التي يمر بها المجتمع وتوظيفه للكلمات العامية ببراعة و استخدامها كرموز شعرية في جميع الأغراض الشعرية وقد تميز الباجعالة في شعر الهجاء و له العديد من المسجلات في هجاء الشعراء وغير الشعراء فلنستمع إليه وهو يهجو الشاعر عبيد باجراد و يصفه بأنه ناسي للجود حين قال:
و نسيت جودتة يويمة وعبرت يومي معك في مشاطين وأقسى تعب
وسقيتك الحالي و حاديت بك يا محب من زاخي الطين
ولكن باجراد ليس بالشاعر الهين فقد أجابه ببراعة الإنسان الواثق من نفسه وانه من المستحيل أن يطلب حاجة من الباجعالة معطيا صورة رائعة في البيت التالي:
كلين يعرف غريمه وشفنا غريمك إذا قد جئتنا في نهار الطلب
ماباك ترثالي خلنا غيب عند الثريا والميازين
كــوّن الشاعر باجعالة ثلاثي ناجح مع الشاعرين المرحوم عبدالله محسن الوحيري والشاعر محمد عبدالله الحداد و كان لهم دورا كبيرا في أحياء العديد من المساجلات الشعرية بصحبة المغني الأول لمدارة الهبيش سبيت مبارك بازهير وبصحبة المغني الثاني سعيد سالمين الوعل بالإضافة إلى سالم سعيد بن زغيو ومحفوظ سعيد جنيد و صبيح الغرابي الشهير بالخلوفة و مجموعة من المغنيين الشباب مثل سعيد عوض بن زغيو و علي مبار بن زغيو وحسن أحمد بن زغيو و أحمد سالم السباعي وغيرهم الكثير و الكثير واستمر هذا الثلاثي الجميل من السبعينات حتى وفاة الشاعر الوحيري في عام 2003م
وكان لي شرف حضور آخر مساجلة جمعت الشعراء الثلاثة في 23\شعبان\1424هـ الموافق 18\10\2003م في بيت الوحيري رحمه الله و قد أستهل المساجلة عبدالله محسن الوحيري بالترحيب بالحاضرين و كأنه يقول هذا لقاءنا الأخير على لحن للمبدع سبيت مبارك بازهير وغناء المغني المعروف سعيد سالمين الوعل فأنطلق الوحيري قائلا :
ألف يا حيا وسهلا بمن جاءنا في ظلام الليل داحق برجله
رد فينا الروح وتذكرت أيام عبرت عن الصفاء و نغوب
ونحصل تقصير نطالب بسمحانه كل عاشق ما ينكر خليله
ما قبل المنصوح في الصاحب ولي هم بغونا ترك المحبوب
الغرابي׃
ليشه إلا الوقت يا ناس أدانا نكش الّصواب لي هي دويلة
عالوقاء مطروح من مدة وخاطري من جور الزمن متعوب
الوحيري׃
هكذا الأيام تفرّق وتجمعنا ما يدوم الحال يا أهل الجميلة
والذي بيبوح بأسراره ما يضم صاحب ولا مصحوب
سعيد باجعالة ׃
خو حسن لازال عا حسب عدانه مالقي للوعد فرتة وميلة
شل صوتك نوح لتكلم كلامه عسل عند الملا مرغوب
محمد عبدالله الحداد׃
مايسير النوب إلا بسلطانه يرغب إلا عالشجار الظليلة
حيث مابيروح سلطانه وفر يتبع السلطان باقي النوب
الغرابي
العسل والنوب ذاالجوش جازانا نشبي لأحيود لي هن طويلة
في عشاء وصبوح خلانا نتابعه من شنطوب لشنطوب
باجعالة׃
الوفاء والصدق مفقود والمانة مالحقنا لي يضمه وسيله
بيظهر في لوح في البندر إذا ماد فن في مقبرة يعقوب
الحداد׃
للمحبة شان والجبر له شانه عند أصحاب الشروع الطويلة
بابهم مفتوح من يوقف على الباب نال القصد والمطلوب
الغرابي׃
عينهم عا العهد يا سعيد سهرانه عينهم ما تنام إلا قليلة
قل باجندوح يتوخر ولي هو معه في سعفته مسبوب
باجعالة׃
ضيقوا على النوب كلين بدخانه يوم شافونا دبس كل ليلة
بحتفظ بالدوح وقطابي وخافه يرد يلقي عسل مصبوب
الوحيري׃
ابو محمد جاب للتبر ميزانه ما يتاجر في البصل و البصيلة
الذهب مربوح من عامل صاحب الذهب يتحسن المكسوب
باجعالة
عاك باتخلي قليدك على اللانة مثل هتيك السنين الدويلة
مامعك مطروح في المخزن ولا شئ معك زسط الوصر مصروب
ساجل باجعالة العديد من معاصريه من الشعراء بالإضافة إلى المحضار عبدالله محمد بن سلم و سعيد بن طيور وعوض بن طيور وعبيد باجراد وسعيد عمرو وعبود ريحان و صالح المخيلة وأبوراشد و محمد عبدالله البعسي و طائع عبود ومحفوظ باعامر و وأبن الطلي ومحفوظ النشادي و طالب حسين المقدي و أبن المحركة وعبيد باجراد ومحمد الشبيبي وسعيد القبيلي وغيرهم الكثير و من الشعراء الشباب سالم عمرو الغرابي (العكر) سعيد بلكديش وسعيد سبيتي و عادل الرميني و عبدالصمد باوزير وسعيد لحونة ومحمد حسن الشنيني وحسن مصبح وثابت السعدي و سالم الزبوري وحاج باغويطة وغيرهم الكثير ومن أجمل مساجلاته كانت مع المحضار في عام 1985م بواسطة المراسلة على لحن للشاعر والملحن عبيد عمر باجراد بواسطة المسجل استهلها المحضار قائلا:
ذا فصل من حين غابت و نا في مكاني نعاين الشهر لي غيبته السحب
عا ريم دار الضيافة يمديك يا شهر للسامر تبين
فاجابه باجعاله :
ريض كلامك وثابت ولا أنت أناني و عساك تحصل على ما تحب
جو السماء واختلافه يقع تصريفه على رب العالمين
المحضار :
و أنا نفسي اليوم طابت ولا شئ حفاني حسبت السهب سهلة لمن جاء ضرب
تعلمت ليه الحتافة من الصبح جبت الحتافية منين
باجعالة :
خلصت لي في المسابت ولي في ثباني و عبرت كمين وادي ورب
خليتنا في المخافة وأنت في المان جالس ياحسين
المحضار :
مسابتك خابت وعابت يا أبن يماني ضربك راح في الكوس هو والمهب
و لي بايركز كتافه يوطوها ناس حضروا بدر وحنين
طلبت السماء واستجابت وربك عطاني و مديت لك من عيوني قصب
ولعا قطعت الصرافة مكاننا بازيدك فوق الدين دين
باجعالة:
من يوم شبت وشابت وهي عاتعاني لطلبت مطلوب ما حد يلبي الطلب
لا الأهل فيهم لطافة و لا الزوج قع رجال زين
المحضار:
و لي ماستهدت و تابت بغت زوج ثاني و للأهل في كل ليلة تضوي سبب
ولي علموها العيافة قالوا لها الحرة تأخذ ثنين
فرحنا بها يوم جابت فلان الفلاني و لكن خرجت مع من هب ودب
و أخبارها في الصحافة و أنت كما ربعتك عينك بعين
شعر الأغنية :
لم يكن مهتما بشعر الأغنية كثيرا إلا أن الملحن المعروف سالم سعيد جبران استطاع أن يجعل الباجعالة أن يؤلف ثلاث أغاني رائعة بعد أن ألف نغماتها الموسيقية ، حيث كانت الأغنية الأولى في عام 1970م و تغنى بهذا اللحن الفنان الكبير كرامة سعيد مرسال و كذلك الفنان الديسي سعيد نصيب بالاضافة إلى جوهرة الطرب الفنان بدوي الزبير وأخيرا الفنان الشاب عمر الهدار يقول فيها الباجعالة :
قد كان يتبعنا لا لي طلب * لكن محبوبي طبعه انقلب
ماهو من الصاحب الوقت مقلوب
يا أهل ذا الديرة في حبكم خيرة نا صرت متعوب
*****
ناماقبل في الزين كلمة عتب * مهما يقولوا لي أهل السبب
من قال لي باقول حاسد ومسبوب
يا أهل ذا الديرة في حبكم خيرة نا صرت متعوب
*****
كل من بغى بيقول ما لك محب * يقضي مطاليبي لا لي طلب
و يقول لي لبيك لقلت مطلوب
يا أهل ذا الديرة في حبكم خيرة نا صرت متعوب
*****
كم لي ترجاكم كم لي تعب * ليه بعدكم عني أيش السبب
القوت ما ذقته و لا ذقت مشروب
يا أهل ذا الديرة في حبكم خيرة نا صرت متعوب
*****
أما الأغنية الثانية رائعته الشهيرة(حاني قرونه) ويعتبر أول من تغنى بها الفنان المعتزل عبدالله حمزة باعباد المعروف بحمزة وكذلك الفنان كرامة سعيد مرسالو الفنان محفوظ مبارك باغويضة الشهير بالبعوض في منتصف السبعينيات من القرن الماضي الذي يقول فيها :
حاني قرونه * وسط الشبك حنبونه
لي كان ماحد يجيبه * هذا نصيبه
الكرة جابها قول
ياساكنين الجول المطر عندكم حول ياساكنين الجول
*****
زادت شجونه * دمعه جرى من عيونه
من يوم فارق حبيبه * قصة عجيبة
ماحد لقى مثلهم طول
ياساكنين الجول المطر عندكم حول ياساكنين الجول
*****
اللي سكونه * صافي عسل في دنونه
بعد لقوله حنيبة * بيروح طيبة
والسبب عدم لوصول
ياساكنين الجول المطر عندكم حول ياساكنين الجول
*****
ربي يصونه *جملة حسد قدنونه
بعيون سودة رهيبة *و أنت رقيبة
و أنت على الكل مسئول
ياساكنين الجول المطر عندكم حول ياساكنين الجول
*****
أما الأغنية الثالثة والأخيرة(المخبرة يعلم بها إلا الله ) كانت في عام 1990م و تغنى بها الفنان الرائع محفوظ محمد بن بريك يقول في مطلعها :
الشحر ردوها علولة * و عطوا الفضولي فضولة
مغيرين الفلك من مجراه
المخبرة يعلم بها إلاالله
*****
باب الهوى ضاعت قفوله * يبغى عرب تبصروله
ما بغى معول ولا مزحاة
المخبرة يعلم بها إلاالله
*****
الشاعر سعيد باجعالة أطال الله في عمره شاعر كبير أثرى الساحة الفنية بمساجلاته كما أنه راوية متمكن استطاع رفد الكثير من الباحثين بالعديد من القصائد الشعرية و المساجلات الشعرية كما أنه شاعر غنائي من الطراز الأول ,إلا أنه لم يلقى اهتماما يليق به من أي جهة رسمية أو غير رسمية فهو لايملك دخل يعيل به أسرته الكبيرة ومن هنا نرسل رسالة إلى كل المهتمين أن يلتفتوا لهذا المبدع و يعطوه حقه من الاهتمام الذي يستحقه . | |
|
